تعرف علي أشرف الجبالي.. دليل الباحثين في جبال “كاترين” المقدسة بمصر

لحظات لا تنسى لرحلة الشاب المصري السيناوي “أشرف الجبالي” لأعلى قمة في جبل موسى.

يقوم الشاب “أشرف الجبالي” برحلة مليئة بالإثارة والحياة على أعلى قمة في جبل موسى بصحراء شبه جزيرة سيناء المصرية، وفي كل ليلة يأخذ قائد مجموعة من السياح من مختلف الجنسيات لمعايشة أجواء تختلط فيها رغبة اكتشاف المجهول من طبيعة الجبال، والسير عبر دروب جبلية ملتوية وصولا للقمة، وتعقب آثار ما يقال إنها رحلة نبي الله موسى لهذا الجبل الذي سمي باسمه.

ويُعَد جبل موسى من بين سلاسل جبلية، تعد مزارات سياحية شهيرة في منطقة “سانت كاترين” بجنوب شبه جزيرة سيناء، وهي منطقة مصنفة محمية طبيعية، ويصل ارتفاعه إلى نحو 7363 قدما فوق سطح البحر، ووفقا للروايات المتداولة أن نبي الله موسى صعد الجبل واعتلى قمته لمدة 40 يوما يناجي ربه ويتسلم الرسالة، وشيدت على قمته كنيسة صغيرة وإلى جوارها جامع صغير، بينما يعتبر “كاترين” الأعلى ارتفاعا في تلك السلاسل الجبلية في مصر، وارتفاعه 8563 قدما فوق سطح البحر، وسمي على اسم القديسة كاترين التي تقول الروايات “إن جسدها استقر فوقه بعد مقتلها، وجبال أخرى تضيف للمنطقة سحرا ورهبة ومنها جبل البنات الذى ينتسب اسمه لمجموعة راهبات استقررن في المكان واتخذن الجبل موطنا لهن، وجبل عباس الذي أقام عليه الحاكم المصري عباس باشا قصرا له لم يكتمل بناؤه”.

وتشهد المنطقة حركة رواج سياحي نشط في مجال السياحة الدينية والجبلية، ومن أهم معالمها الذي سميت باسمه “دير سانت كاترين”، ومقام النبي هارون ووادي الراحة وواحة فيران ودير السبع راهبات.

قال الفتى السيناوي “أشرف الجبالي”، لـ”العين الإخبارية” إنه من بين آخرين من شباب وفتيان أبناء قبيلة الجبالية التي تقطن منطقة “سانت كاترين”، ويعتمدون في حياتهم على السياحة كمصدر دخل لهم من خلال العمل أدلاء في الجبل يسيرون رحلات اكتشاف وصعود السلاسل الجبلية على الأقدام أو ظهور الإبل في رحلات بعضها يستمر لساعات وأخرى لعدة أيام، وبيع منتجات طبيعية من أشجار وأعشاب طبية وعطرية وتكوينات صخرية تحمل نقوشا نادرة من نوعها”.

وأضاف: “إنه خلال فترة الإجازة من دراسته في المرحلة الثانوية الأزهرية بمعهد كاترين الثانوي يقوم بهذه الرحلات، موضحا أن أهمها وأصعبها صعود جبل “موسى”، وهي رحلة تتم يوميا بعد غروب الشمس بنحو ساعتين وتنتهي قبيل الفجر عند الوصول لقمة الجبل، ويهتم الغالبية من السائحين القادمين لسيناء بالقيام بها”.

في البداية يتجمع السائحين أمام “دير سانت كاترين” وهم متحررون من كل أمتعتهم باستثناء قليل من متطلبات المعيشة من مياه وعصائر وكشاف إنارة صغير، يرتدون ملابس صوفية ثقيلة نظرا لانخفاض درجات الحرارة التي تسجل درجات تصل لتحت الصفر شتاء ولا تزيد على 20 صيفا، يتقدمهم الدليل، بعد أن يقدم لهم نصائح لسلامتهم أهمها أن يتبعوه في خطواته، ويطلبون منه التوقف حال الشعور بالإرهاق، والانتباه لما يقوله وهم مقبلون على درجات صخرية أو مناطق مرتفعة شديدة الوعورة.

ويقول الفتى السيناوي: “إنه خلال رحلته، تنشأ ومن يصحبهم صداقات يفتخر بها، موضحا أنهم من جنسيات مختلفة، وفي الغالب هم في سن الشباب نظرا لوعورة الطريق وصعوبة المسير، وأحيانا يحضر كبار سن ممن يصعدون للزيارة لغرض ديني، ومن يجد منهم صعوبة في الصعود يقوم بتأجير راحلة وهي جمل أو ناقة مدربة على السير عبر الصخور، وعلى ظهرها يحقق السائح مبتغاه معتمدا على دليل يسير على قدميه وهو يقود رسنها”.

وتابع الدليل السيناوي: “إن الرحلة في المرة الأولى شاقة وفي حال تكرارها يصبح الأمر عاديا، وتقع استراحات صغيرة على طول الطريق فيها يستريح قليلا من يسلك طريق الصعود والعودة”.

وأضاف: “إنه عند الوصول لقمة الجبل قبيل الفجر بلحظات، يتجمع السائحون في مساحة مستوية بين موقع المسجد والكنيسة يترقبون لحظة شروق الشمس، بينهم من ينتظرها ليوثقها بالصور والاستمتاع بانبثاق شعاع الشمس من وراء الجبل، والبعض يقوم بترتيل طقوس دينية، وكل هذا بحسب قوله لا يشغله كثيرا؛ فهم كأبناء قبيلة الجبالية المعروفة بعمل أبنائها في خدمة المكان، يعتبرون أن هذه الأماكن ساحة لقاء للجميع من أعراق وديانات مختلفة وهي رمز التسامح والسلام بين كل الشعوب كلٌّ يمارس طقوسه في سلام ومحبة”.

وقال: “إنه مع ارتفاع قرص الشمس، تبدأ رحلة العودة وهي رحلة صامته خلالها يسير الجميع وراء بعضهم، وتنتهي الرحلة مع ساحات الضحى عند نقطة البداية أمام دير سانت كاترين، بجولة داخل الدير”.

وفقا للبيانات الرسمية يعود بناء الدير إلى القرن 4 ميلادي عندما أمرت ببنائه الإمبراطورة “هيلانة” والدة الإمبراطور “قسطنطين”، تخليدا لذكرى قديسة تحمل اسم “كاترين”.

وهو من أقدم الأديرة في العالم ويجذب الدير أفواجا من السياح من جميع بقاع العالم، ويحتوي على آثار من أبرزها كنيسة التجلي، وشجرة العليقة الملتهبة، ومتحف دير سانت كاترين، ويضم مخطوطات دينية بينها لوحة تعود إلى القرن 12 ميلادي، وفي الطابق السفلي من الدير مجموعة من الرقوق والمخطوطات التي تعود إلى أقدم الكتاب المقدسة في العالم، ومسجد بسيط مع مئذنة منفصلة بني في القرن 11 خلال الفترة الفاطمية، ويتميز المسجد بالطابع الإسلامي الواضح في جدرانه ونقوشاتها، ومكتبة الدير التي تضم مخطوطات نادرة يصل عددها لنحو 2000 مخطوطة منها مخطوطات باللغة اليونانية والسريانية والفارسية والأمهرية والعربية والتركية والروسية.

بعد انتهاء زيارة دير سانت كاترين، يتجول السائحون في أرجاء مدينة كاترين، ما بين الجلوس على مقاهٍ صغيرة تتوسط البيوت المشيدة جميعها في حضن الجبل، يحتسون عليها مشروبا مصنوعا من عشبة “الحبق” الذي ينبت في وديان كاترين، والتسوق بشراء منتجات يقوم أهالي بتصنعيها من بيئة المكان الطبيعية وهي عبوات أعشاب طبية وعطرية، ومشغولات خرز، وأشكال صخرية.

وفي ساعات المساء التي تسبق الصعود لجبل كاترين، تعقد في ساحات مخيمات سياحية جلسات سمر بدويه يدعو لها “أشرف” وأصدقاؤه السائحون، يتخللها تقديم فقرات فنية ورقصات بدوية، وتقديم وجبات طعام مكونة من الفتة واللحوم المشوية على النار، والشاي والقهوة.

وأردف قائلا “ليست صدفة بين الحين والآخر أن ألتقي أصدقاء سائحين يحضرون بعد سنوات، من بينهم من كان صديقي وأنا طفل صغير أرافق والدي في تلك الرحلات وأجدهم سعداء بأنني من أصبحت دليلا لهم في مسارات جبلية شديدة الوعورة”.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *