أيكو نوبيا.. إحياء ناجح للسياحة البيئية والتراث النوبي بمصر


تعرف علي أيكو نوبيا.. إحياء ناجح للسياحة البيئية والتراث النوبي بمصر

أيكو نوبيا يحصل على المركز الأول بالشرق الأوسط في مسابقة الابتكار التكنولوجي لمنظمة السياحة العالمية في أول تطبيق للسياحة المستدامة

بيوت من الطوب اللبن متراصة بجانب بعضها البعض، مزودة بأثاث من سعف النخيل، تقع وسط جزيرة صغيرة على ضفاف نهر النيل في أقصى جنوب مصر، وبداخل هذه البيوت القديمة يعمل عشرات الأشخاص على تجهيز الغرف وتحضير الأطعمة في أواني فخار، لتشعر أنك داخل مجتمع نوبي في أربعينيات القرن الماضي.

ويعد هذا المشهد هو جزء من مشروع “أيكو نوبيا” السياحي الذي تأسس في منتصف 2017 بمدينة أسوان جنوب مصر.

“إحياء السياحة البيئية في مصر” بهذه العبارة بدأ المهندس أحمد يحيى، مؤسس مشروع “أيكو نوبيا”، حديثه مع ” العين الإخبارية” ليسرد قصة المشروع وما يقدمه لقطاع السياحة في مصر.

المغامرة

يقول يحيى “قصة أيكو نوبيا تعود إلى عام 2014، حينما أسست شركة تستهدف إحياء السياحة البيئية في مصر عبر زيارة المناطق السياحية بمساعدة السكان المحليين لهذه المناطق، من أجل نشر الوعي للحفاظ على البيئة وتطبيق السياحة المستدامة، وتحقيق عائد مباشر من الزيارات للسكان المحليين، خاصة أنها تعد الفئة الأقل ربحا في مفهوم السياحة التقليدية، وهو ما رغبت في تغييره”.

ونظرا لإصرار الشاب المصري، امتد المشروع لتشمل الزيارات كافة المحافظات المصرية، من بينها مغامرات بالصحراء الغربية والشرقية، ومنطقة سانت كاترين جنوب سيناء، والنوبة، ودلتا مصر.

ولم يتوسع المشروع فقط في المساحة، بل تطورت أهدافه وأصبحت الزيارة عبارة عن معايشة مع السكان المحليين لهذه المناطق، مع إتاحة فرصة الاستمتاع بطقوس وعادات كل مدينة بداية من الموسيقى والأغاني وصولا إلى الأطعمة.

وتعد السياحة المستدامة (الخضراء) ضمن أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2015. ويعمل هذا النوع من السياحة على مراعاة احتياجات البيئة والمجتمع، عبر إنشاء فنادق بيئية وتحقيق عائد اقتصادي من الاستضافة والانتقالات والخدمات السياحية إلى السكان المحليين للمدن.

البداية

طموح يحيى الذي بدأ حياته كمهندس معماري عام 1998 لم يتوقف، وانطلق فكره إلى برامج تنظيم الرحلات والاستضافة، بإنشاء فنادق بيئية عبر شركة “إيكو نوبيا”.

“نبحث عن الكنوز المخبأة في المناطق النائية والبيوت الخالية من السكان، لنعيد تأهيلها مرة أخرى وندخلها في منظومة السياحة”، هكذا شرح أحمد يحيى بدايات مشروع إيكو نوبيا، الذي انطلق من وسط جزيرة “هيسا” النوبية الواقعة بأسوان، ليؤسس لمجتمع نوبي مصغر قابل لاستضافة السياحة من داخل وخارج مصر.

ويسترجع مؤسس المشروع ذكريات البداية قائلًا “من هنا بدأ يتحقق حلم السياحة المستدامة، بعد عرض فكرة إعادة تأهيل الجزيرة المهجورة من السكان، وتحويل بيوتهم الصغيرة إلى فنادق بيئية قادرة على استقبال السياح، وبطبيعة الحال كان هناك تخوف من عدم نجاح المشروع، ولكنه سرعان ما جذب المصريين والأجانب”.

وأثناء عملية تأهيل جزيرة هيسا للسياحة كان على الجانب الآخر من معبد فيلة مجموعة من النوبيين الذين يتابعون المشهد، مطالبين فريق إيكو نوبيا بإعادة تأهيل جزيرتهم المهجورة منذ 40 عاما.

مطالبات أهالي جزيرة “البيجا” كانت دليلا واضحا لنجاح المشروع، وتحديا جديدا أمام فريق إيكو نوبيا، لانهيار المنازل والبنية التحتية منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وفي 2017، بدأ أحمد يحيى بمعاونة عدد من المستثمرين المصريين إعادة تأهيل البيجا وبناء البيوت القديمة باستخدام مواد طبيعية من الطوب اللبن والجرانيت، بجانب إنشاء مطعم نوبي خالص يعتمد على تقديم أطعمة نوبية بإيادي أهالي الجزيرة.

الابتكار أساس

العقبات التي واجهت فريق إيكو نوبيا كانت دافعا قويا لتقديم حلول مبتكرة، ما جعل مشروع إحياء السياحة البيئية والتراث بالنوية المصرية أساسه الابتكار، بما يتوافق مع معايير السياحة المستدامة.

ويسرد يحيى مراحل إعادة بناء الجزيرة “السياحة مشروع يقوم بالأساس على الخدمات، وافتقدت البيجا لكافة أنواع الخدمات، ولجأنا إلى الطاقة الشمسية كطاقة نظيفة مستخدمة بالمشروع، وعبر سد أسوان والسد العالي قمنا بتأسيس شبكة كهرباء، إضافة إلى تنقية مياه النيل تنقية طبيعة بالفحم، وتأسيس شبكة صرف صحي بمحطات معالجة ثلاثية لإعادة تدوير المياه للزراعة”.

وأضاف أن تطبيق مفهوم السياحة المستدامة امتد إلى أثاث الغرف وتجهيزاتها، فمن الفخار وسعف النخيل وجذوع الأشجار تم تجهيز الغرف والمطعم وأدوات المائدة والطهي، لتصبح الجزيرة ومطعمها من أشهر المناطق السياحية خلال 6 أشهر منذ افتتاحها في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

سكان الجزيرة

إيمانه بأهمية تطبيق السياحة المستدامة دفع يحيى وفريقه إلى الاستعانة بأهالي الجزيرة الأصليين كعنصر رئيسي في المشروع، بداية من عملية البناء والتأهيل وصولا إلى امتلاك البيوت (الفنادق البيئية).

تأهيل الجزيرة لم يجذب السياح فقط، بل أعاد السكان الأصليون إلى منازلهم، ويشرح مؤسس المشروع عوائد المشروع على السكان المحليين قائلا “العمالة داخل الفندق جميعهم من النوبة، نحو 18 عاملا من بينهم 7 من السكان الأصليين للجزيرة، ويتمثل العائد المادي لهم في المرتبات وإيجار البيوت والانتقالات من وإلى الجزيرة عبر المراكب حفاظا على البيئة”.

وأكد أحمد يحيى على أن المرحلة المقبلة ستشمل تصنيع حرف يدوية نوبية كهدايا تذكارية للسياح وترويج للتراث النوبي.

نجاح المشروع

على مدار الفترة الماضية، استقبل أيكو نوبيا جنسيات متعددة من السياح (ألمان – فرنسين – يابانيين) إضافة إلى الزوار المصريين، ما يؤكد نجاح فكرة استقطاب الفنادق البيئية للسياحة.

ووسط 12 فريقا، حصل أيكو نوبيا على المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط، في مسابقة الابتكار التكنولوجي الذي أطلقته منظمة السياحة العالمية بالتعاون مع وزارة السياحة المصرية.

ويقول يحيى “تقدمنا في المسابقة عبر موقع منظمة السياحة العالمية في يونيو/حزيران 2018، وعلى هامش الاجتماع الـ35 للجنة الشرق الأوسط التابعة لمنظمة السياحة العالمية حققنا المركز الأولى في الابتكار في مارس/آذار الماضي، ما يؤهلنا للمشاركة في المسابقة الدولية في روسيا سبتمبر/أيلول المقبل”.

وعن المرحلة المقبلة، يتطلع فريق إيكو نوبيا إلى التوسع في إنشاء الفنادق البيئية بالبر الغربي بالأقصر، متمنيا أن يصبح المشروع دوليا ويصل بمفهوم السياحة المستدامة لخارج حدود مصر.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *