تعرف علي بالصور.. “المستكشف المصري”.. رحلات بلا فنادق لوجهات غير معتادة

مبادرة “المستكشف المصري” أطلقها مجموعة من هواة السفر والرحلات بمصر، بهدف تنشيط السياحة الداخلية عبر استهداف مناطق غير معتادة

تستقل حافلة نقل ركاب مكيفة ثم تذهب بك إلى أحد الفنادق الفاخرة المطلة على أحد الشواطئ في مدينة شرم الشيخ أو الغردقة أو دهب.. ذلك هو الشكل التقليدي للسياحة الداخلية في مصر، والذي اختفى معه الاهتمام بمناطق أخرى ساحرة، لم يصل إليها اهتمام منظمي الرحلات، وهي المشكلة التي تسعى مبادرة “المستكشف المصري” لعلاجها.

وأطلق مبادرة “المستكشف المصري” مجموعة من هواة السفر والرحلات بمصر، بهدف تنشيط السياحة الداخلية بمفهوم مختلف عبر استهداف مناطق غير معتادة من قبل، لكنها لا تقل جمالا بل تزيد عن الأماكن المعتادة.

ويقول ياسر مصطفى (48 عاما) لـ”العين الإخبارية”: “منظمو الرحلات المعتادة يستهدفون الغردقة وشرم ودهب والفنادق ذات الخمس نجوم، لأن هدفهم الوحيد هو جلب الأموال، لكننا نستهدف مناطق أخرى مجهولة، ولا نأخذ ممن يسافر معنا سوى تكلفة الانتقال والإقامة، لأننا غير هادفين للربح”.

عين ابن بطوطة

ولأن الأماكن التي تستهدفها المبادرة مختلفة، فإنها تقدم أيضا مفهوما مختلفا للرحلات، يساعد المشارك في الرحلة على رؤية مصر بعين الرحالة ابن بطوطة.

ويضيف مصطفى: “لهذا السبب لا نحجز في فنادق 5 نجوم أسمنتية معزولة عن الناس لنشاهد أهل البلد من خلف الزجاج، نفضل أن نحيا حياة أهل المكان ونتخذ من منازلهم مكان إقامة لنا، ونشاركهم طعامهم ونرتدي أزياءهم التراثية للتعرف على حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم”.

ويحقق هذا المفهوم الجديد للرحلات هدفين يشير إليهما مصطفى، أولها مشاهدة تراث كل مكان، وثاني الأهداف هو توجيه أهل المكان إلى أهمية الحفاظ على هذا التراث، لأنه يمكن أن يحول منطقتهم إلى منطقة جذب سياحي.

وخلال مدة ثمانية أشهر منذ انطلقت المبادرة عبر صفحة بالفيس بوك تحمل اسم “المستكشف المصري”، استطاعت توجيه محبي السفر والرحلات إلى مناطق غير معتادة، شاهدها معظمهم لأول مرة.

ويقول مؤسس المبادرة: “استهدفت إحدى الرحلات ساحل البحر الأحمر والصحراء الشرقية ومثلث حلايب والشلاتين، وشاهد المنضمون للرحلة محميات ربما لم يسمع عنها الكثيرون مثل جبل حماطة ووادي الجمال بالبحر الأحمر، كما نظمنا رحلات للنوبة وبحيرة المنزلة وواحة سيوة وبحيرة البرلس ووادي الريان، ونظمنا رحلات للواحات البحرية وقضينا وقتا في الصحراء البيضاء”.

ويستطيع محبو السفر الانضمام للمبادرة ومتابعة صفحتها على الفيس بوك، والتي يتم من خلالها الإعلان عن الرحلات التي يتم تنظيمها بسعر التكلفة، لأنها مبادرة خدمية، كما يؤكد مصطفى.

عادات سيوة

وتوثق الصفحة لأبرز المشاهد التي استرعت انتباه من قاموا بالرحلات، ومن المشاهد الهامة في هذا الإطار احتفالات أهالي سيوة في شهر نوفمبر من كل عام بعيد الليالي القمرية أو عيد الصلح.

ويعود تاريخ هذا الاحتفال إلى عام 1285 هجرية، ويهدف إلى بث روح الود والصفاء بين الناس.

ويسرد مصطفى تفاصيل هذا الاحتفال قائلا: “يترك جميع رجال سيوة منازلهم وأعمالهم ويصعدون جبل الدكرور، حيث مدينة (شالي) أو سيوة القديمة والإقامة في البيوت القديمة أو داخل الخيام طوال الاحتفال، ويندمج الكل لا فرق بين غني وفقير ولا قوي وضعيف، وتصفى الخلافات ويتصالح المتخاصمون حتى لا يكون هناك ضغينة أو خلاف مهما عظم أو صغر بين أهل الواحة”.

ويضيف: “خلال الاحتفال يجتمع أهالي الواحة شيوخاً وشباباً وأطفالاً على مائدة ولا يتناولون الطعام قبل إطلاق إشارة البدء من شخص يسمي القدوة يجلس في أعلى مكان على الجبل وبعدها تبدأ الاحتفالات والأناشيد لأهم مناسبة في سيوة “.

مسار النيل

وتحمل صور أخرى على الصفحة توثيقا لرحلة كانت عبارة عن جولة بطول 100 كم على فرع رشيد، بهدف تتبع مسار النيل في هذا الفرع.

ويقول مصطفى تعليقا على هذه الصور:”مشينا في طرق ترابية وزُرنا كل القرى والمدن الواقعة على النيل فتناولنا الإفطار في مدينة كفر الزيات، وأكلنا التوت في قرية جماجمون التابعة لمدينة دسوق وصلينا الجمعة في ديروط وأكلنا خوخا وشربنا شايا ونسكافيه فوق قناطر أدفينا وقمنا بجولة بالمركب حول القناطر وشاهدنا قصر الملك فاروق هناك”.

وتابع: “كما شاهدنا مصايد السمك في مطوبس ومحلة الأمير وزُرنا ورش صناعة المراكب في برج مغيزل على الضفة الأخرى من رشيد وأكلنا وجبة سمك في البرلس على البحر وصعدنا الكثبان الرملية في بلطيم”.


مسار رحلات الحج

ومن الصور اللافتة أيضا للانتباه تلك التي تجمع فيها أعضاء بالمبادرة حول جمل يحمل هودجا، ليكشف مصطفى عن مناسبتها قائلا: “هي من رحلة قمنا بها إلى مدينة القصير وشاهدنا فيها احتفالا يقام لإحياء مسار قوافل الحج، التي كانت تستهدف ميناء القصير في رحلتها إلى السعودية”.

وتحول هذا الميناء إلى أطلال، إلا أن الأهالي لم ينسوا أنه كان مقصدا لمن يريد السفر للحج، لذلك يحرصون على إحياء هذه الذكرى سنويا، مع بداية موسم الحج حتى ليلة عيد الأضحى سنويا، حيث تخرج محامل الحج في مواكب تحاكي ما كان يحدث في الماضي مع رحلات الحج وتطوف مختلف أحياء المدينة ويسير الأهالي من كل الفئات خلفها.

ويضيف مصطفى: “هذا الاحتفال نموذجا للتراث الذي نريد تشجيع الأهالي على الحفاظ عليه، وذلك بأن نجعله عامل جذب سياحي”.

فن التلي

وتحكي صور أخرى قصة رحلة إلى قرية جزيرة شندويل بمحافظة سوهاج للاستماع برؤية فن “التلي” الذي يعد أحد الفنون المصرية لتطريز النسيج بخيوط من الذهب والفضة، وتتقنه المرأة الصعيدية منذ القرن ١٨ وتورثها لفتياتها على مر الزمان.

وشاهد المنضمون للرحلة كيف تقوم فتاة الصعيد بالتطريز باستخدام إبرة صغيرة مع خيوط معدنية مطعمة بالفضة والذهب، وعلى النسيج تقوم بتشكيل وتطريز أشكال ورموز تمثل تراث أسلافهم مثل رموز تدل على الخير والنماء كموجات مياه النيل، وأشجار القرية الريفية مثل النخيل، والجمال، ورموز لحماية العروس من الحسد، أو أشكال هندسية مثل المثلثات.

ويقول مصطفى: “برعت فتيات القرية في غزو أسواق العالم بهذا المنتج، الذي كان جزءا حيويا من طقوس الزفاف في صعيد مصر، وكان رائعا أن نتعرف على هذا الفن التراثي”.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *