تعرف علي بيشاور تعود مقصدا لمحبي الأطعمة بعد تحسن الأوضاع الأمنية في باكستان

الأزقة المتداخلة في بيشاور تعبق بروائح الدخان المنبعث من حفلات الشواء في المدينة الباكستانية.

بعدما كانت بيشاور من أخطر مناطق باكستان، استفادت هذه المدينة القريبة من الحدود الأفغانية، من التحسن النسبي في الوضع الأمني بالبلاد، ما أحدث طفرة في المطاعم، خصوصا تلك المتخصصة في اللحوم.

تعبق الأزقة المتداخلة في بيشاور بروائح الدخان المنبعث من حفلات الشواء في المدينة، ويشكل نمك مندي “سوق الملح” في الحي القديم منذ عقود، مقصد محبي الطعام في بيشاور.

يقول الشاب محمد فهد، وهو طالب من لاهور: “قبلا، كنا نسمع أن بيشاور مكان خطر”.

وعلى غرار باقي أنحاء باكستان، حيث تحسن الوضع الأمني على نحو واضح، لم يعد الوضع الأمني في بيشاور عاصمة ولاية خيبر بختونخوا يشبه بشئ ما كان عليه في العقد الماضي، عندما كانت الحرب في أفغانستان المجاورة تزعزع استقرار أراضيها، ما كان ينعكس في عمليات إطلاق النار والهجمات شبه اليومية.

وفي العام الماضي، لم تشهد بيشاور سوى هجوم كبير واحد في يوليو/تموز. لذا توجه محمد فهد من دون أي خوف “لاستكشاف أسرار شوي اللحوم” المحلية على حد قوله.

ويزخر مطبخ البشتون، وهي الإثنية التي ينحدر منها أكثرية سكان خيبر بختونخوا، بالأطباق اللذيذة المحضرة بحسب وصفات متوارثة عبر الأجيال.

وتلقى هذه الأطباق إقبالاً كبيراً بفعل بساطتها البعيدة عن الأطعمة الغنية بالمتبلات المنتشرة في المناطق الشرقية والجنوبية في باكستان.

وتقول سمية عثماني، مؤلفة كتب طبخ، إن شعبية هذه الأطباق “تعود لكونها محضرة بشكل أساسي من اللحوم، وهو ما يثير اهتماماً في سائر أنحاء البلاد”.

وفي قلب نمك مندي، يحقق مطعم اللحوم “نزاز شارسي” نجاحا ساحقا، رغم أنه لا يستخدم سوى القليل من المتبلات، وهو أمر نادر في باكستان.

ويشتهر المطعم خصوصا بطبق “تيكا”، إذ تطهى قطع اللحم ببطء على الحطب، وهي تحتفظ بطراوة وطعم مميز مع إضافة الكثير من الملح عليها وشويها مع قطع من الدهن.

أما الطبق الآخر الرائج في المطعم المعروف باسم “كرّاهي”، وهو مؤلَف من قطع من لحم الماعز المطهو مع قطع دهن أبيض كبيرة والقليل من الفلفل الأخضر والطماطم، ويقدم هذان الطبقان مع خبز ساخن وعبوات لبن طازج.

ويؤكد نصر خان، أحد مالكي المطعم: “هذا أفضل طعام في العالم”، مقدراً كمية اللحوم التي تباع لزبائنه يوميا بمئات الكيلو جرامات.

زبائن “سوق الملح” هم بشكل خاص من الرجال الذين يقصدون المكان ضمن مجموعات كبيرة في أكثر الأحيان، وأكثر المحنكين من هؤلاء يطلبون الأطعمة بكميات كبيرة. وهم يرشدون الجزارين إلى قطعهم المفضلة التي تطهى فورا أمامهم.

وأسهم تحسن الوضع الأمني في زيادة إيرادات المطعم بحسب نصر خان، الذي يقول: “شهدنا مشكلات وعذابات كثيرة”، متحدثاً خصوصاً عن مقتل أصدقاء له في الاعتداءات.

غير أن حماد علي، البالغ من العمر 35 عاماً، يؤكد أنه لم يتخل عن تناول اللحوم النيئة حتى خلال سنوات العنف.

ويؤكد هذا الرجل الذي قصد المكان مع 8 زملاء من العاصمة إسلام آباد، البعيدة ساعتين بالسيارة: “أنا آتي إلى هنا منذ أكثر من عقدين”. ويضيف: “هذا المذاق فريد، لذا فإننا نجتاز كل هذه المسافة”.

ويؤكد عمر عامر عزيز، المولع بالمشويّات المحضرة في بيشاور، أن نقطة الجذب الرئيسية لا تقتصر على حصص اللحم الكبيرة المقدمة للزبائن بل أيضا الثقافة التي تكوّنت تدريجا بشأن الأطعمة.

وتقدم مدن أخرى في باكستان والخارج، إمكانات ترفيه أكبر وحياة ليلية أكثر صخبا. ويقول عمر عامر عزيز: “هذا اختصاصنا منذ قرنين أو 3 أو 4”.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *