داتشا بدلا من الشواطئ.. عطلات سكان موسكو على طريقة “أيام زمان”


تعرف علي داتشا بدلا من الشواطئ.. عطلات سكان موسكو على طريقة “أيام زمان”

83 % من سكان موسكو صرفوا النظر مثلاً عن إرسال أولادهم إلى مخيمات العطلة هذا الصيف

بعدما حرموا التمتع بشواطئ المتوسط المشمسة، يغوص سكان موسكو في تاريخ بلدهم وينهلون من تقاليد الماضي للترفيه عن أنفسهم خلال الصيف على طريقة “أيام زمان”، ولكسر رتابة الاكتفاء بقضاء العطلة في منازلهم الثانوية “داتشا”.

ومنذ البدء في الربيع الفائت بتطبيق الحجر لمواجهة جائحة كوفيد-19، انتقل عشرات الآلاف من سكان موسكو إلى منازلهم الثانوية المخصصة للعطلة، وتسمّى “داتشا”.

فمع أن معظم التدابير التي اتخذت ألغيت منذ يوليو/تموز الماضي بقيت الحدود الروسية مقفلة. وبالتالي يمضي كثير من سكان العاصمة عطلتهم الصيفية في الأرياف، بعدما كانوا يفضلون عليها الوجهات المشمسة والغريبة. ودفعهم ذلك إلى أن ينظموا أنفسهم لجعل يومياتهم مسلية، وغير مقتصرة على جزّ العشب وقطف ثمار البستان.

وتتعدد الأنشطة التي ينظّمها أصحاب هذه المنازل المعروفون بالـ”داتشنيكي”، أو تلك التي تنظّم لهم، ومنها مثلاً إقامة متحف مؤقت وعابر يضم مقتنيات سوفياتية وجدت في عليّات البيوت، أو تنظيم عروض فنية يقدّمها هواة، أو تخصيص نزهات ريفية لاسكتشاف الطبيعة.

وقالت خبيرة التجميل سنيجانا جولوبيفا (40 عاماً) “عادةً نسافر في يوليو/تموز من كل عام إلى اليونان أو إيطاليا، أما هذا الصيف فننظم عندنا أنشطة ترفيهية هادفة”.

وتشارك جولوبيفا مع نجلها المراهق مرتين أسبوعياً في ورش عمل مجانية ينظّمها القوزاق في بلدة ألياوخوفو التي تبعد نحو 60 كيلومتراً عن موسكو.

وفي برنامج ورش العمل هذه، مثلاً، تعلّم أغنيات شعبية بالروسية والأوكرانية، بإدارة نيكولاي دولجوبول (69 عاماً) وهو ضابط سابق برتبة مقدّم في الجيش بات اليوم متقاعداً وهو عميد القوزاق في المنطقة.

ولاحظ دولجوبول أن “عدداً من الشباب يأتون إلى المنطقة كونهم لا يستطيعون السفر إلى تايلاند أو تركيا”. ويضيف “إنهم يكتشفون هنا القيم التقليدية التي تنقصهم”.

– عودة إلى الجذور

وبينما يتابع نجلها درساً في الفن القتالي القوزاقي، تتوجه سنيجانا مع آخرين إلى الحقول، حيث يتابعون شرحاً عن الأعشاب الطبية التقليدية التي يقال إنها تساهم في تعزيز النظام المناعي، تقدمه لهم مارينا فاسيلييفا، وهي موظفة سابقة في التلفزيون السوفياتي أصبحت معالجة نباتية.

وتقول كسينيا أكيموفا، إبنة الرابعة عشرة، وهي تحمل بين يديها باقة من الأعشاب الشافية “أتعلّم تقاليد أجدادنا”.

وهذا الإعجاب الشديد بالريف في خضمّ أزمة فيروس كورونا المستجد يذكّر بأن الـ”داتشا” تحوّلت ملجـأ خلال أزمة التسعينيات من القرن الفائت، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إذ انتقل ثلثا السوفيات إلى منازلهم الثانوية وأمضوا فيها عطلتهم، وكان يزرعون في حدائقها ما يكفي من الخضر والفواكه لتأمين غذائهم.

فبالنسبة إلى كثير، ليس من العقلانية إطلاقاً السفر حتى داخل روسيا فيما جائحة كوفيد-19 مستمرة. ويشير موقع “ستوب كورونا فايروس” الذي أطلقته السلطات الروسية إلى أن 83% من سكان موسكو صرفوا النظر مثلاً عن إرسال أولادهم إلى مخيمات العطلة هذا الصيف.

وبالتالي، فإن منازل العطلة التي يملك مثلها نصف الروس تقريباً، جُهِّزَت بكل أنواع اللوازم. فمثلاً، زادت مبيعات الأراجيح ثلاث مرات في يونيو/ حزيران الماضي، بالمقارنة مع ما كانت عليه العام الفائت، وتضاعفت مبيعات أحواض السباحةالقابلة للنفخ، وأراجيح النوم المعلقة، وكراسي الاسترخاء، على ما ذكر موقع “أفيتو” للتجارة الإلكترونية.

– رحلة في الزمن

أما ليلة السبت في إيمولينو، على بعد 50 كيلومتراً من موسكو، فهي سهرة سينما.

ويقعد أصحاب منازل العطلة في الهواء الطلق على كراس مستعملة، وأمامهم شاشة كبيرة، تُعرَض عليها أفلام كلاسيكية بواسطة آلتي عرض قديمتين.

عرض سينمائي في الهواء الطلف في ألياوخوفو في 18 يوليو في إرمولينو على بعد 50 كيلومتراً من موسكو

ويلاحظ ألكسندر ماماييف، وهو محامٍ في الثانية والثلاثين يتولى تشغيل آلة العرض، أن “أحداً لم يذهب في عطلة، ولذلك تضاعف عدد مشاهدي” الأفلام بالمقارنة مع العام الفائت. وقد حصل ماماييف من البلدية على نحو 1500 بكرة تعود لأفلام قديمة.

ويرى عاشق الشاشة الكبيرة هذا أن “السينما وسيلة أخرى للسفر”، ويعرب عن سعادته بالعودة إلى العروض المتنقلة التي كانت سائدة في العصر السوفياتي وكانت تتيح لسكان مزارع الـ”كولخوز” النائية في الاتحاد السوفياتي اكتشاف الفن السابع، نظراً إلى أن صالات السينما لم تكن متوافرة فيها.

ويتحدث العالم نيكولاي موشتشيفيتين (53 عاماً) باسهاب عن هذا الموضوع، ويرى أن حضور شريط صور متحركة قديم مع ابنته هو بمثابة “سفر عبر الزمن”.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *