قلاع اليابان الحصينة.. تراث فريد يحكي تاريخ 100 عام من الحروب

12 قلعة صامدة من بين العشرات تفتح أبوابها لاستقبال الزوار بعد ترميمها وإعادة إحيائها من جديد

تحتضن اليابان عشرات القلاع الحصينة التي تعكس تراثا من البناء الفريد وتُجسّد تاريخا من الحروب امتد لأكثر من 100 عام، ولحسن الحظ لا تزال العديد من تلك القلاع العريقة في حالة جيدة، ويمكن زيارتها حالياً، بما في ذلك عدد من القلاع التي تم ترميمها وإعادة إحيائها من جديد.

وبحسب موقع “نيبون”، بنيت الكثير من القلاع اليابانية في فترة الدول المتحاربة من عام 1467 إلى 1568 في ظل تنافس قادة الأقاليم على السلطة.

وعلى الرغم من تعرض عدد كبير من تلك القلاع للتدمير في القرون التي تلت تلك الفترة، لكن تحتفظ اليابان بـ12 قلعة فقط بكامل مبانيها الحصينة المركزية التي ترجع إلى عصر إيدو (١٨٦٨-١٦٠٣) أو ما قبله.

والمقصود بالقلاع الكاملة الإشارة إلى أن نمط بناء القلاع كان فريدا نوعا ما في اليابان، حيث يختلف على سبيل المثال مع النمط الأوروبي لهذا النوع من المباني، فرغم تنوع تخطيط وتصميم القلاع اليابانية، لكن كان من المتبع دائماً وجود مجمع رئيسي محاط بمجمعات ثانية وثالثة.

وكان المبنى الحصين المركزي يقع بالمجمع الرئيسي، فيما يتم تشييد الأسوار والأبراج في نقاط استراتيجية في جدار حجري شديد الميل يحيط بكل المكان، فضلا عن حفر خندق خارجي (أو استغلال نهر أو بحر محيط) لتعزيز حماية القلعة.

آنذاك، كان التجار يجتمعون حول القلعة لتكوين مدينة تحيط بها دون أن تكون تلك المدينة الناشئة محاطة بأسوار كما يوجد في أغلب القلاع الأوروبية.

وفضلا عن المدن المحيطة، كان البعض يبني حدائق حول القلعة مثلما فعل بعض الدايميو (التسمية التي كانت تطلق على كبار الزعماء الإقطاعيين في اليابان)، وأشهر الأمثلة على هذا القلعة الشهيرة كينروكوئين في كانازاوا وقلعة كوراكوئين في أوكاياما.

وقد بنى موحدو اليابان العظام أودا نوبوناغا (1534 – 1582) وتويومي هيديوشي (1537 – 1598) مبانٍ حصينة رائعة داخل القلاع التي شيدوها في استعراض لقوتهم الضخمة. وليس لكل القلاع مبانٍ حصينة مركزية، ولكن تلك المنشآت ذات الشكل البرجي في عديد من القلاع أصبحت رمزا للحصن بالكامل.

المباني الحصينة المركزية المسجلة ضمن التراث القومي كتلك التي في قلاع هيميجي، هيكوني، وماتسوموتو شيدت خلال فترة الدول المتحاربة، واعتمدت التحصينات الدفاعية الأساسية على أراضٍ مرتفعة، فيما يعيش القائد في الأسفل عند سفح التل، لينتقل إلى الحصن الرئيسي عند اقتراب الأعداء.

عند انتهاء معركة سيكيغاهارا عام 1600 فرض توكوغاوا إياسو (1543 – 1616) سيطرته على كل أنحاء اليابان، ودخلت البلاد في فترة من السلام النسبي. وشيدت القلاع على أراضٍ مستوية، لتصبح مراكز سياسية واقتصادية أكثر من كونها قواعد عسكرية.

وفي عام 1615 أسس نظام إقطاع توكوغاوا قرارا بإمكانية تملك كل الدايميو قلعة واحدة فقط، وهدم باقي القلاع. وتم السماح بتعديلات محدودة ومنع تشييد أي قلاع جديدة.

وبعد إصلاحات عصر ميجي في عام 1868، ألغت الحكومة الجديدة نظام الإقطاع واستبدلته بالمحافظات في عام 1871، وأصدرت قرارها بعد سنتين بإزالة القلاع وهدم العديد مما تبقى منها.

وتعد قلعة هيميجي في محافظة هيوغو واحدة من أشهر قلاع اليابان، وسجلت كأول مواقع التراث العالمي باليابان في ديسمبر/كانون الأول عام 1993.

وتعرف القلعة بـ”قلعة طائر مالك الحزين الأبيض” نظراً لمظهرها ناصع البياض وتكوينها الرشيق. وقد شيدت في الأصل عام 1333، ثم تم ترميمها بشكل كبير بعد ذلك. وألحق بالقلعة ممرات تشكل متاهة بين مبانيها المختلفة، بالإضافة إلى الخندق الدفاعي لتعيق تقدم المعتدين والمهاجمين.

جدير بالذكر أن أنواع القلاع اليابانية تطورت عبر القرون من ياماجيرو أو “قلاع الجبل”، مرورا بهيراياماجيرو أو القلاع المبنية على التلال المحاطة بسهول وصولاً إلى هيراجيرو “قلاع الأراضي المنبسطة”، كما يطلق كذلك على القلاع القريبة من الماء ميزوجيرو أو “القلاع المائية”.

وتتمثل نوعية قلاع الـ”ياماجيرو” في قلعة تاكاتوري في محافظة نارا وقلعة تاكيدا في محافظة هيوغو، وكلاهما لم يتبقَ منه إلا أطلال، وقلعة بيتشوو ماتسوياما في محافظة أوكاياما.

ولا يوجد خط واضح يفصل بين الأنماط المختلفة، ولكن يمكن اعتبار قلعة أزوتشي كواحدة من أوائل الـ”هيراياماجيرو”. وقد تم تدمير تلك القلعة عام 1582، بعد مرور 3 سنوات فقط من بنائها. وهناك أمثلة أخرى بارزة من هذا النوع مثل قلعة هيميجي، وقلعة هيكوني في محافظة شيغا، وقلعة كوماموتو في محافظة كوماموتو.

وتتضمن الأمثلة على قلاع الـ”هيراجيرو”، قلعة أوساكا في محافظة أوساكا، وقلعة ناغويا في محافظة أيتشي، وقلعة ماتسوموتو في محافظة ناغانو.

ومن بين تلك القلاع، تبرز قلعة ماتسوموتو بشكل مؤثر خاص. فمن الخارج، يبدو مبناها المركزي الحصين – شيد عام 1593 تقريبا – مكونا من 5 طوابق، ولكن في الحقيقة يوجد دور إضافي مخفي بالداخل.

أما أشهر الأمثلة لقلاع البحر أو النهر فتتضمن كلا من تاكاماتسو في محافظة كاغاوا، وإيماباري في محافظة إيهيمي، وناكاتسو في محافظة أويتا.