تعرف علي لمغادرة كورونا.. السياحة الأوروبية تمتطي موجة إنقاذ “صيفية”

وفي أعقاب معركة استمرت شهرين لاحتواء الفيروس، بدأت الحكومات الأوروبية على نحو بطئ تخفيف القيود التي كانت مفروضة على الحياة العامة

مع بدء رفع الحجر الصحي المفروض على العديد من دول أوروبا والسماح بالتنقل بين المدن فإن السياحة الأوروبية تكافح لإنقاذ موسم الصيف بعد الخسائر التى تسبب بها فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

وفي أعقاب معركة استمرت شهرين لاحتواء الفيروس، بدأت الحكومات الأوروبية على نحو بطئ تخفيف القيود التي كانت مفروضة على الحياة العامة في إطار مكافحة كورونا، مما أحيا آمال أصحاب الفنادق والمطاعم والحانات .

في اليونان تمثل السياحة شريان الحياة بالنسبة للاقتصاد المحلي، حيث يسعى كوستاس كوكاس، عمدة جزيرة ميكونوس اليونانية، لإنعاش السياحة في ظل تمكن اليونان من السيطرة على الوباء.

وتتمتع ميكونوس بوضع قوي يسمح لها بالاستفادة من تخفيف القيود التي كانت مفروضة للحد من انتشار الفيروس، على نحو أسرع مما جرى في الدول الأخرى التي كانت أكثر تضررا من الوباء العالمي مثل إيطاليا وإسبانيا.

وأعادت اليونان أمس السبت، فتح الشواطئ المنظمة في أنحاء البلاد والتي يبلغ عددها 515، ولكن في ظل شروط صارمة تعطي صورة حول كيف تغيرت العطلات بعد حقبة كورونا.

ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن العمدة كوكاس: “يريد السكان إعادة فتح الجزيرة، ليس فقط لاحتواء الخسائر الاقتصادية، ولكن أيضا لأن السياحة هي حياتنا،”، مضيفا: “بالتأكيد، لن يكون هذا الموسم طبيعيا، ولكننا نريد إعادة الفتح لأنه سيكون مهما للغاية من أجل المواسم القادمة.”

ووجه تفشي كورونا ضربة قاسية للسياحة في أوروبا، حيث تراجعت المبيعات بقوة، وصارت الملايين من الوظائف على المحك في قطاع يمثل حوالي 10% من إجمالي الناتج المحلي للقارة. وينتظر أن يتراجع الطلب بنسبة 40% خلال العام الجاري، وليس من المتوقع أن يعود إلى مستويات ما قبل الأزمة قبل عام 2023، وذلك بحسب ما ذكرته لجنة السياحة الأوروبية، والتي تمثل حوالي 33 منظمة سياحية وطنية.

وقررت شركات مثل “آي ايه جي اس ايه” المالكة للخطوط الجوية البريطانية “بريتش ايروايز”، و”تي يو آي ايه جي” الألمانية، التي تعد أكبر شركة عالمية في مجال تنظيم برامج الرحلات السياحية، شطب عشرات الآلاف من الوظائف، في حين أن هناك الكثير من الشركات العائلية الصغيرة التي قد لا تتعافى أبدا.

مبادئ توجيهية

وقال مدير اللجنة الأوروبية للسياحة إدورادو سانتاندر: “إن الأمر كله مسألة وقت حتى تنفد الأموال، وسنشهد حالات إفلاس في أنحاء أوروبا.”

والدول صاحبة أعداد الإصابة الأقل في أوروبا، مثل اليونان وألمانيا والنمسا، مستعدة لإعادة الفتح سريعا، وقد توصلت إلى اتفاقات ثنائية.

أما في دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وهي دول شهدت إجمالا وفيات بلغت 85 ألفا جراء الإصابة بفيروس كورونا، يتواصل الغموض بشأن متى تعود السياحة بها، وكيف ستتأقلم مع قواعد التباعد الاجتماعي والنظافة الشخصية.

ومن أجل تحفيز إحداث انتعاشة في هذا القطاع ، نشرت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، مبادئ توجيهية شملت جميع الأمور ذات الصلة، من إزالة القيود الحدودية، إلى استخدام تطبيقات التتبع عبر الهواتف المحمولة.

ورغم هذا، هناك كثيرون لن يشعروا بأمان كاف للسفر، حتى ولو تم تطوير لقاح أو علاج ضد الفيروس، وهو أمر قد يستغرق شهورا، وربما أكثر.

وسيتم تخفيف التداعيات المباشرة للوباء من خلال المساعدات المالية التي تقدمها الحكومات الأوروبية، والتي تشمل دعما لدفع مرتبات الموظفين، وضمانات قروض وخفض معدل الضرائب على المبيعات.

ولكن لجنة السياحة تقول إن مستوى الخلل “أكثر حدة بكثير” مقارنة بتداعيات الأزمة المالية التي شهدتها أوروبا قبل نحوعقد من الزمن، وإنه سيؤدي إلى”تغيرات جذرية” في مجال السياحة.

أفكار نمساوية جديدة لجذب السياح

وفي النمسا، طرح رجال الأعمال مجموعة من الأفكار الجديدة لجذب الزائرين، وبينها تقديم غرف إقامة مجانية وأمسيات لفن الطهي، وجلسات للفلسفة والأدب.

وقال بيتر فيتز، وهو مالك فندق “هيرشين” الذي يعود تاريخه إلى 250 عاما مضت، في مدينة شفارزنبرج، إن قيمة إلغاء الحجوزات لديه التي تلقاها عبر بريده الالكتروني منذ منتصف شهر مارس /آذار الماضي تراوحت بين 40 – 50 ألف يورو يوميا.

حملة تسويقية في سويسرا

أما في سويسرا، فيأمل المسؤولون أن تعطي صورتها كدولة مسالمة، تتمتع بمناظر جبلية بكر، ميزة تنافسية. وتم إطلاق حملة تسويقية جديدة لعملاء ما بعد الإغلاق، مثل العائلات التي لديها أطفال والتي يتعين عليها الاهتمام بميزانيتها، وأزواج وزوجات كانت فرقت بينهم المسافات، أو آخرين في حاجة إلى استراحة بعد فترة العزل المجهدة.

بداية جديدة

وأوضح مدير اللجنة الأوروبية للسياحة أنه على المدى الطويل، ستمثل أزمة كورونا فرصة “لبداية جديدة”. وقالت سانتاندر: “تحدثنا طويلا عن النمو المستدام، وعن التغير المناخي، والتكدس السياحي… ولكن هذه فرصة للضغط على زر إعادة الضبط، وتحدي النماذج الموضوعة سلفا، وأخذ الأمور على محمل الجد. علينا أن نستغل هذه الفرصة لتسريع وتيرة التحول إلى سياحة المستقبل.”

صندوق إنقاذ ألماني

وأعربت الرابطة الاتحادية لقطاع السياحة الألماني عن تخوفها من حدوث موجة إفلاس لهذا القطاع بسبب انتشار وباء كورونا، وقال رئيس الرابطة ميشائل فرنتسل لصحيفة “بيلد أم زونتاج” الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر، الأحد، إنه من الضروري أن يكون هناك صندوق إنقاذ يقدر بالمليارات لهذا القطاع، وأشار إلى أن برامج القروض الحالية لم تعمل سوى على دفع معظم الشركات إلى المديونية.

وتابع فرنتسل: “لهذا السبب إننا بحاجة لصندوق إنقاذ يساعد على مواجهة خسائر لا تقل قيمتها عن 16 مليار يورو”.

ودعا رئيس الرابطة الاتحادية لقطاع السياحة بألمانيا بشكل مباشر إلى أن تتدخل الدولة بما يتراوح بين 5 – 13 ألف يورو لكل وظيفة مهددة، موضحا أن هناك بشكل إجمالي 1.2 مليون وظيفة في خطر.

وأضاف فرنتسل: “سوف يفتقد قطاع السياحة في عام 2020 وحده أكثر من 100 مليار من حجم المبيعات”.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *