تعرف علي محمية “توريس ديل باينه” في تشيلي.. مواجهة مع 100 فهد وعشرات النسور

إذا كنت من محبي سياحة الإثارة فهناك فرصة لك لتعيش مغامرة حقيقة عند زيارة محمية “توريس ديل باينه” في تشيلي.

تعتبر تلك المحمية وجهة للباحثين عن المغامرة والإثارة؛ حيث إنها تقدم لهم الفرصة لمشاهدة الفهود المفترسة والنسور المهيبة.

كانت الشمس ترسل أشعتها ببطء إلى الأرض عندما بدأ المرشد السياحي “خوسيه إجناسيو روكا” بصحبة مجموعته السياحية على بحيرة “سارمينتو”.

ونظرا لأن الرحلة انطلقت في تمام الساعة الخامسة صباحا، من بلدة الرحالة بويرتو ناتالز على مضيق “أولتيما إسبيرانزا”، فقد كان النعاس يغالب معظم أفراد المجموعة السياحية عندما وصلوا إلى البحيرة.

الفهود المفترسة

ولكن مع ظهور اللوحة التحذيرية عند مدخل المحمية الطبيعية “توريس ديل باينه” استيقظ جميع السياح؛ نظرا لأن اللافتة الخشبية تشير إلى “خطر هجوم محتمل” بسبب وجود الكثير من الفهود المفترسة على مسار التجول، لكن سرعان ما تصدر رسالة طمأنة من المرشد السياحي الذي هدأ من روع السياح بقوله: “لسنا مهمين للفهود على الإطلاق، ولا ننتمي إلى مخطط فرائسها”.

ويصل وزن هذه القطط الكبيرة إلى 80 كجم، وسرعان ما يلاحظ السياح وجود هياكل عظمية لحيوانات الغوناق على بعد أمتار قليلة من مسار التجول، وتعرف هذه الحيوانات باسم جمال الأنديز وتشبه حيوانات اللاما، ويرتفع الأدرينالين لدى السياح عند مشاهدة الفضلات الطازجة للفهود، على الرغم من التأكد من عدم مهاجمتهم للمجموعة السياحية.

ويعيش حوالي 100 فهد في المنطقة، ولا يوجد مكان آخر في أمريكا الجنوبية يزخر بهذا العدد من الفهود، ودائما ما تظهر قطعان الغوناق، ولكن فجأة هربت مجموعة صغيرة من الحيوانات، وهنا أشار المرشد السياحي “خوسيه إجناسيو روكا” إلى أنه يجب على الجميع التوقف والتزام الصمت.

وبدأ يبحث في الأدغال والمناظر الطبيعية بواسطة المنظار، وأشار إلى قمة التل البعيد وأوضح أن عليها أحد الفهود، ومع ذلك لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ولكن عندما يمرر المنظار إلى المجموعة السياحية يكون الفهد قد اختفى بالفعل.

نسور الكندور

ويعوض ظهور نسور الكندور المهيبة في السماء السياح عن مشاهدة الفهد، الذي اختفى فجأة، وخلال اليوم التالي عايش السياح مغامرة جديدة في برنامج الجولة في المحمية الطبيعية “توريس ديل باينه” “أبراج السماء الزرقاء”.

وترجع تسمية المحمية الطبيعية إلى اسم الإبر الجرانيتية الثلاثة الضخمة، والتي يصل ارتفاعها إلى 3000 متر تقريبا، والتي تعتبر من المعالم الرئيسية في المحمية الطبيعية، التي تعتبر الجزء التشيلي من منطقة باتاجونيا، التي تمتد على مساحة تقترب من 2400 كيلومتر مربع.

وتمتاز هذه المنطقة بالمناظر الطبيعية البرية والبحيرات ذات المياه الفيروزية الرقراقة والغابات، التي لم تعبث بها يد الإنسان، والجبال المغطاة بالثلوج والمضايق والأنهار والشلالات والأنهار الجليدية.

وقبل الانطلاق في مغامرة التجول لمسافات طويلة يتعين على ناتاليا جوميز وكاميلا إسبيوزا، مثل السياح الآخرين في المركز السياحي، الاختيار بين مسارات التجول “O” و”W”؛ حيث يمتد المسار الدائري لمسافة 130 كيلومترا ويستغرق 8 أيام ويصل إلى ارتفاع 4500 متر.

وتتصف مسارات التجول هذه بأنها موحشة وبعيدة عن أي مظهر من مظاهر الحضارة والمدنية، وينتشر بها عدد قليل من أماكن الإقامة، ولذلك يتعين على السياح اصطحاب المؤن والخيام معهم.

ولكن الممرضتين من العاصمة سانتياجو دي تشيلي، ناتاليا جوميز وكاميلا إسبيوزا، تختاران مسار التجول “W” الأسهل، والذي يبلغ طوله 70 كيلومترا ويستغرق 4 أيام ويصل ارتفاعه إلى 2500 متر، ويزخر هذا المسار بالكثير من الفنادق العصرية ومواقع التخييم ذات التجهيزات الجيدة، ولهذا السبب لا يتعين على السياح اصطحاب أي مؤن معهم.

منصة “ميرادور دي لاس توريس”

وخلال المرحلة الأولى من اليوم مر السياح وسط العديد من المناظر الطبيعية، التي تظهر على البوسترات السياحية في تشيلي، حتى الوصول إلى منصة المشاهدة “ميرادور دي لاس توريس” والمطلة على البحيرة الجليدية أسفل صخور “توريس ديل باينه” الأيقونية، وقد امتدت الجولة لمسافة 9 كيلومترات من التسلق الدائم حتى الوصول إلى ارتفاع حوالي 1200 متر.

الأبراج الصخرية

استيقظ معظم السياح في الصباح الباكر لمشاهدة الأبراج الصخرية الرفيعة ذات الشهرة العالمية، عندما تغمرها أشعة الشمس البرتقالية.

وقد تشكلت هذه الإبر الجرانيتية منذ أكثر من 10 ملايين سنة، وبعد ذلك تشكلت الأبراج الصخرية بفعل الأنهار الجليدية، وكثيرا ما تقوم نسور الكندور النادرة بجولات فوق هذه القمم الصخرية، وأضافت كاميلا قائلة: “تستحق الرحلة إلى منطقة باتاجونيا كل هذا العناء للاستمتاع بهذا المنظر فقط”.

وفي اليوم التالي تمر المجموعة السياحية عبر المناظر الطبيعية الجبلية بمحاذاة بحيرة “نوردينزكيولد” الرائعة، ويمر الطريق بسلاسة دون مرتفعات كبيرة، وعلى الجانب الأيمن يشاهد السياح العديد من الشلالات المتساقطة على الجدران المنحدرة للكتل الصخرية “كويرنوس”.

وفي اليوم الثالث يتعين على السياح الاستيقاظ مبكرا؛ حيث تستقبلهم أشعة الشمس باللون الأحمر الناري، وبعد السير لمدة ساعة تقريبا يترك السياح حقائب الظهر الثقيلة في “المخيم الإيطالي” للتنزه سيرا على الأقدام مع حمل حقيبة نهارية والتجول في منطقة “ميرادور بريتانيكو”، وتستغرق رحلة الصعود 3 ساعات ورحلة الهبوط 3 ساعات أيضا.

ويسمع السياح صدى الرعد القوي، الذي يتردد بشكل خطير في الغابات المظلمة، ولا تشير هذه الأصوات إلى أية عواصف رعدية، ولكنه يصدر عن الانهيارات الثلجية، التي تتساقط من النهر الجليدي الممتد على القمم الجبلية، وكثيرا ما تتساقط كتل كبيرة من الثلوج على المنحدرات، كل عشرة دقائق تقريبا، وتختلط مع الشلالات.

حفلة تسلق

وتبدو السماء ملبدة بالغيوم فوق وادي “فاليه دل فرانسيس”، وتتحول رحلة الصعود إلى حفلة تسلق، ولكن ينسى السياح كل التعب والجهد عند الوصول إلى القمة؛ حيث ينعم السياح هنا بإطلالة رائعة على المشهد الجبلي البديع مع الكتلة الصخرية “كويرنوس”، وهنا يشعر المرء بأنه يجلس على عرش غابة باتاجونيا، التي تبدو بلا نهاية.

وكانت المرحلة الأخيرة من اليوم سهلة وبسيطة مقارنة باليوم السابق؛ حيث امتدت الجولة لمدة 4 ساعات، ووصل السياح إلى جدار جليد ضخم؛ حيث يعتبر لسان النهر الجليدي جزءا من الحقل الجليدي في جنوب باتاجونيا، والذي يعتبر أكبر مساحة جليدية في نصف الكرة الجنوبي خارج القارة القطبية الجنوبية، ويبلغ طول النهر الجليدي الرمادي 28 كيلومترا.

وانطلاقا من موقع التخييم “جراي” يمكن للسياح الاستمتاع بجولة القوارب إلى فندق “هوتيل لاجو جراي”، كما تتوافر هنا أيضا الحافلات المكوكية إلى بويرتو ناتالز، وتجوب القوارب حول الجدران الجليدية الضخمة، مع الاستمتاع ببعض المشروبات المشهورة في تشيلي.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *