هل يذيب “المناخ” ستار الجليد بين أمريكا وروسيا؟.. معجزة السفر للماضي


تعرف علي هل يذيب “المناخ” ستار الجليد بين أمريكا وروسيا؟.. معجزة السفر للماضي

“ما هي الدولة الأقرب إلى الولايات المتحدة بدون مشاركة في حدود برية؟”.

إذا صادفك هذا السؤال في اختبار للمعلومات العامة، وكان عليك الاختيار بين ثلاث اختيارات، من بينها روسيا، فمن المؤكد أن أول خيار ستستبعده، هو روسيا، إذ كيف ستكون هناك علاقة مكانية بين بلدين يفصلهما قارة أوروبا كاملة والمحيط الأطلنطي بالكامل، لكن المفاجأة أن ما استبعدته هو الخيار الصحيح.

وتلتقي حدود الدولتين في القطب الشمالي بين جزيرتي “ديوميد” الكبرى، التابعة لروسيا، وديوميد الصغرى، التابعة لأمريكا، ويعود تاريخ هذا الوضع الغريب إلى عام 1867، عندما اشترت الولايات المتحدة ألاسكا من روسيا، وشملت الصفقة جزيرة ديوميد الصغرى، وبالتالي تم رسم الحدود الجديدة بين البلدين وتركت ديوميد الكبرى لروسيا.

وتنقسم المياه بين الجزيرتين عن طريق الحدود البحرية للبلدين، ويُطلق على هذا الممر التاريخي في مضيق بيرينغ اسم “الستار الجليدي”، والذي بات يفصل بين عائلات أمريكية تسكن ديوميد الصغرى الأمريكية، عن أبناء عمومتهم الروس الذي تم تهجيرهم من ديوميد الكبرى، إلى سيبريا، واستوطن الجيش الروسي تلك الجزيرة.

ولا يزال سكان منطقة مضيق بيرينغ يعتبرون أنفسهم شعبا واحد وتعتبر الحدود مصدر إزعاج لهم، وبدأت بوادر هذا الانقسام عام 1867 عندما اشترت أمريكا ألاسكا من روسيا القيصرية التي تعاني من ضائقة مالية، لكن لم ينتبه أحد كثيرا حينها لهذا المصير، وعاشت العائلات في كلتا الجزيرتين وتقطعت السبيل بينهما عام 1948 عندما تم إغلاق الحدود فجأة، وانتقل الجيش السوفيتي آنذاك إلى “ديوميد الكبرى”، وأعيد توطين المدنيين قسراً في البر الرئيسي لسيبيريا.

وفي تقرير نشرته ” بي بي سي ” في 31 أغسطس (آب) من عام 2015، يقول فرانسيس أوزينا، وهو زعيم قبلي من الإسكيمو في جزيرة ديوميد الصغيرة الواقعة على الحدود الغربية لأمريكا، والذي يوجد منزله الصغير على منحدر تل شديد الانحدار، وتطل نافذة غرفة المعيشة الخاصة بها مباشرة عبر امتداد ضيق من المياه إلى روسيا على بعد ما يزيد قليلا عن ميلين (حوالي 4 كيلومترات)، حيث الجزيرة الشقيقة (ديوميد الكبرى): ” نحن نعلم أن لدينا أقارب هناك، والأجيال الأكبر سناً تموت، والمحزن هو أننا لا نعرف شيئا عن بعضنا البعض، نحن نفقد لغتنا، فنحن نتحدث الإنجليزية الآن، وهم يتحدثون الروسية، وهذا ليس خطأنا، وليس ذنبهم، لكن هذا فظيع فقط “.

واستطاع أوزينا ان يقوم برحلات إلى سيبريا باستخدام زلاجات الجليد وزار 16 قرية، وعثر على أقارب من جانب والدته في ثلاث قرى، لكن ربما تجعل “تغيرات المناخ” هذه الرحلة أكثر صعوبة، بعد أن بدأت تتسبب في ذوبان الستار الجليدي بين الجزيرتين.

وكانت دراستان سويديتان نُشرتا في مارس ( آذار) الماضي بمجلة “جورنال أوف كلايمت”، قد أشارتا إلى أن حرارة المحيط المتجمد الشمالي ترتفع بشكل أسرع بكثير مما توقعته النماذج المناخية التي اعتمدها خبراء الأمم المتحدة، ما يسرع من ذوبان الجليد البحري.

وذهبت الدراستان إلى إن التيارات الدافئة نسبيا في أعماق المحيط المتجمد الشمالي أكثر دفئاً وأقرب إلى السطح مما كان يعتقد الخبراء سابقا، إذ تتلامس بشكل مباشر مع الجليد البحري وتسرّع ذوبانه في الشتاء.

وفي المقابل، فإن ذوبان الجليد بدأ يكشف أيضا عن كميات هائلة من الموارد الطبيعية، فوفقًا للمسوحات الجيولوجية الأمريكية، يمثل القطب الشمالي 13 في المائة من النفط غير المكتشف في العالم و 30 في المائة من غازه الطبيعي.

وتتوقع تقارير أن يؤدي التوجه للاستفادة من هذه الثروات إلى توتر حدودي في تلك المنطقة والتي كانت توصف بأنها هادئة ومريحة نسبيا، مقارنة مع حدود روسيا مع الاتحاد الأوروبي.

وإلى جانب هذه المفارقات الاجتماعية والسياسية التي خلفها هذا التقارب الذي صنعته ظروف عام 1867، فإنه من المفارقات الأخرى، هو أنه “على الرغم من أن الستار الجليدي بين الجزيرتين مساحته 4 كم فقط، فإن ديوميد الكبرى التابعة لروسيا تسبق جارتها بـ 21 ساعة بسبب مرور خط التوقيت الدولي بينهما، والذي يفصل اليوم عن الأمس، فعندما يكون الوقت عصرا في الجزيرة الروسية، يكون الوقت عصرا في الجزيرة الأمريكية، لكن في الجزيرة الأولى عصر اليوم، وفي الجزيرة الثانية عصر الأمس”.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الهجرة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *